قصة قصيرة
الخوف من المجهول
في شقة كبيرة تتكون من ثلاث غرف نوم وصالة استقبال كبيرة بأحد أبراج حي راقي يعيش الأستاذ حسين "بالمعاش" والذي بلغ الثمانين ويزيد وحيدا بعد زواج أبناءه ووفات زوجته, وقد اعتاد أن يستيقظ كل يوم في الصباح ويتحرك داخل شقته متكأ على عكازه فيذهب للحمام ثم يدخل المطبخ لتناول أفطاره الذي يقوم باعداده بنفسه, وبعد تناول الافطار يرتدي ملابس الخروج ويخرج من المنزل بمساعدة عكازه الخشبي الذي لا يفارقه منذ أن ضعفت صحته ولم تعد ساقيه قادرة على حمله متجها الى النادي القريب من منزله للقاءه اليومي الذي اعتاده منذ تأثرت صحته وأصبح غير قادر على العمل مما اضطره الى ان يترك العمل الذي كان يمارسه بعد خروجه على المعاش, وهناك يلتقي بصديق عمره الأستاذ عماد, وكان هذا اللقاء يتم بينهما بشكل يومي يجلسان لساعات يسترجعا ذكريات الماضي ويتبادلا الأراء في الأحداث الجارية في المجتمع ثم يعود كل منهم الى منزله ووحدته, أما اليوم فكانت هناك مفاجأة غير متوقعة تنتظر الأستاذ حسين, فاليوم بعد أن دخل النادي ووصل الى الطاولة التي اعتاد أن تجمعه وصديق عمره كانت المفاجأة الأولى حيث وجد الطاولة خالية ولم يجد الأستاذ عماد جالسا كالعادة فجلس منتظرا قدومه, وقال لنفسه – لعل المانع خير فقد يكون قد تأخر اليوم في النوم "ولو أني أشك في ذلك" – وبعد نصف ساعة من القلق قام بالأتصال به تليفونيا ولكن للأسف لم يجد ردا, فساوره الشك والريبة وقرر أن يذهب الى منزل الأستاذ عماد ليستطلع الأمر ويطمأن عليه, وحين وصل الى منزل الأستاذ عماد قام بالضغط على جرس الباب, فلم يجد من يفتح له الباب, وهو يعلم أن صديقه يقيم وحيدا مثله. فقام باستدعاء حارس العمارة وسأله: هل رأيت الأستاذ عماد اليوم؟ فأجابه حارس العمارة بالنفي, فكرر عليه السؤال: هل تعرف اذا كان قد خرج اليوم أم لا؟ فأجابه الحارس لا لم يخرج نهائيا اليوم. فسأله مرة ثالثة: هل أنت متأكد مما تقول؟ فأكد الحارس اجابته وقال: "والله ما خرج انهاردة يا باشا". دخل القلق والشك في قلب الأستاذ حسين وارتاب في الأمر وشعر بالفزع فقام بالأتصال بشرطة النجدة كي تفتح الشقة وتستطلع الأمر. وحين وصلت قوات الشرطه ودخلت الشقة بصحبة الأستاذ حسين وحارس العمارة وجدوا المستشار عماد ممدا على فراشه, لكنه لا يتنفس فلقد ذهبت الروح الى بارئها وفارق الحياة, فقام الأستاذ حسين بالأتصال بأحد أبناء صديقه عماد وأبلغة بوفاة والده.
بعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء رجع الأستاذ حسين الي منزله وجلس بصالة الأستقبال لبره يفكر فيما حدث لصديق عمره, ثم قام بالأتصال برقم هاتف دار مسنين كان يحتفظ به على هاتفه ورتب معهم اجراءات الأقامة بالدار.
وفي اليوم التالي قام باعداد أمتعته وطلب حارس العمارة التي يقطن بها ليساعده في تنزيل الحقائب وطلب منه أن يستوقف له سيارة أجره, وقد فعل الحارس ما طلبه منه, واستقل الأستاذ حسين سيارة الأجرة متجها الى دار المسنين.
تمت
صلاح منير
27/02/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق