الاثنين، 24 ديسمبر 2018

درستُ السّحلَ في أدبِ السّجونِ//محمد الدبلي الفاطمي


درستُ السّحلَ في أدبِ السّجونِ
بنشر الوعْي يتّسعُ المجالُ***فيــــولدُ في ثقــــــــافتـــــنا الرّجــــــالُ
ويحيا المُلهمون بكلّ قطرٍ***حياةً تستــــــــــــــــــقيمُ بها الخــــصالُ
فنُبدِعُ بالقرائح كلّ فَنٍّ***وفــــــي أوْطانــــــنا يحــــلو المـــــــــــــآل
وأمّا الآن فالإنسانُ أضحى***ضعـــيفاً قد ألــــمَّ به الهـــــــــــــــزالُ
كأنّ شعوبنا نامت فبالت***وفي أحــــيائها كثـــــــــــــر السّــــــــعال
////
لماذا نحْنُ نُبدعُ في الحيلْ***ونؤمنُ بالخـــــــــــــــــــــــداع والدّجَلْ؟
هل القيم استبدّ بها التّدنّي؟***أم البلداء قد قـــــــــــــــتلوا الأمـــــــلْ؟
أجيبوني عن سُؤالي لوْ سمحتُمْ***فقد كثُر الكلامُ بلا عــــــــــمــــــلْ
أراكم نائمينَ ولستُ أدري***أهذا حالكُــــــــمْ أم ذا كســــــــــــــــل؟
تقهقرتم واستكنم فانهزمتم***ولا أدري متـــــــــــــــى يأتي الأجـــلْ
////
حرامٌ أنْ نعيشَ على الشعيرِ***ونصْبرُ للأذى صبْــــر الحــــــــــميرِ
ألمْ ترَ كيف أصبحْنا شعوباً***تقادُ مع الوحــــوشِ إلى السّـــــــــعير؟
تجمّد سعينا في كلّ حقل***وأمسى الكادحون علـــى الشّـــــــــــــفير
وصار الفقرُ مُشتملاً علينا***كأنّ الفــــــــــــــــقْرَ أفضـــلُ للأجيــــر
وعند النّوم تنهزمُ الأماني***فنُكثِرُ في الشّـــهـــيقِ وفي الزّفيـــــــــرِ
////
بكلّيةِ السُّجون قرأتُ درسي***وتحت النّائبات كســــرتُ رأْســـــــي
شربتُ المُرّ من غضبِ اللّيالي***وضاق الصّدرُ من مأساةِ حبْســـي
وكنت أرى التّسلّط في حياتي***يحاصرُ جُرْعتي فتضيقُ نفْســــــي
وتلك دروسُهمْ في السّجن كانتْ***وعـــــبر سرابها يزدادُ نَحْــــسي
وأذكرُ أنّنــــــــــــــي في كلّ يومٍ***أسافرُ في المآسي عند أمســـــي
////
بنشر الوعي تنتصر الشّعوبُ***ومن هَـــــــــــفَواتِها تصْحو القلوبُ
تدجّنتِ النّفوسُ على التّدنّي***وفي شرَكِ الشّمال هوى الجـــــــنوبُ
وعرْبدَ غيّــــــــنا في كلّ فعلٍ***فشاعتْ في مســــــــالكنا العـــيوبُ
كأنّ شعوبنا فقــــدت هُداها***فخافَ النّاسُ وانطــــــــــــلقَ الهروبُ
وفي أوطاننا تجْري المآسي***وشمسُ المـــــــــجْد أدْركـها الغروبُ
////
سئمتُ العيش في وطنِ الخرابِ***وقدْ بِــــيعَ القــــــطيعُ إلى الذّئابِ
وأسفرتِ النّـــــــــــتائجُ عن بلاءٍ***به الأوهامُ تسقطُ في السّـــــراب
وســــيقَ الكادحونَ وهمْ رُقودٌ***إلى عــــــصر تنوّع في الخـــطاب
وليس بصحُّ عند النّاس شيئٌ***وهمْ سئموا التّلاعبَ في الحــــــسابِ
كذلك يستــــحيلُ مع التّدنّي***تقــــــــــــــدّمُ مَنْ تعـــــثّرَ في الكتابِ
////
سيسمعُ صرْختي البشرُ اللّبيبُ***فيدركُ أنّني رجـــلٌ غـــــــــــريبُ
أصبتُ بنكسةٍ في قعْر سجْنٍ***وتحتَ عمامتي اشتعلَ المـــــــــشيبُ
قضيتُ عقوبةً منْ دون ذنبٍ***فأحْرقني التّســــــــــــــــلّطُ واللّهـيبُ
وكان الدّرسُ في حبْسي عسيراً***فما نفعَ البـــكاءُ ولا النّــــــــحيبُ
وفي زنْزانتي أمضيتُ تسعاً***من السّنــــــــــــــواتِ دوّنها الرّقيبُ
////
درستُ السّحلَ في أدبِ السّجون***وكنتُ كمنْ تعلّـــــــــــمَ بالجُنونِ
شربتُ المرّ من خَببِ اللّيالي***فعشتُ مُكبّلاً بأذى السّـــــــــــــجون
أصارعُ في النّهار ظنونَ نفسي***وفي الظّلماء تُرعِبُــــني ظُـــنوني
تكسّرت المآسي فوقَ رأسي***وفاض الدّمعُ فانتفــختْ جفـــــــــوني
وكان اللهُ فـــي عوني كريماً***فمرّ البُؤْسُ وانفتــــــــحتْ عـــــيوني
محمد الدبلي الفاطمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق